سفـراء … أم قائمون بالأعمال

أسترعى انتباهى خلال الشهور الاولى لثورة 17 فبراير تعيين عدد من السفراء الليبيين فى العديد من الدول ولا اعرف بصراحة الكيفية التى تم بها إختيار أو تعيين هؤلاء السفراء او بالأحر الأسس القانونية التى أعتمد عليها المجلس الانتقالى ” المؤقت ” فى تمرير أو إعتماد هذا التعيين واعتقد طبقا لمعرفتى المتواضعة بأمور السلك الدبلوماسى وتشريعاته ان الأمر ربما تم ” همبكه ” بنفس اسلوب القذافى فى تعيين ماكانوا يسمون أمناء المكاتب الشعبية الذين اثار تعيينهم من قبل النظام آنذاك زوبعة لدى العديد من الدول التى رفضت قبول هذه التعيينات بالاسلوب الهمجى والغوغائى والذى اراد ان يفرضه نظام القذافى على العديد من الدول التى كان يرتبط معها بعلاقات دبلوماسية ، مستغلا ثروة النفط فى تمرير هذه المهزلة ، الا ان معظم هذه الدول رفضت دبلوماسيته الغوغائيه وطالبته بالالتزام واحترام التشريعات والمواثيق الدولية ، وامام هذا الرفض لم يكن أمام النظام المنهار آنذاك الا الانصياع وتطبيق ما طلب منه ، واحتفظ أو قل فرض ” للاستهلاك المحلى” الشكل الدبلوماسى الغوغائى الذى اراده والتسميات التى ابتكرها عقله المريض ليطبقها أو يفرضها فقط داخل قوقعة جماهيريته المنكوبة اوربما داخل سفاراته ، بينما على مستوى الخارج التزم بالشروط التى نصت عليها اتفاقية ” فيينا للعلاقات الدبلوماسية ” فى هذا الخصوص والتى من ضمنها عدم اعتراف هذه الدول بالتسميات التى اطلقها النظام المقبور على سفرائه فى الخارج أو تلك التى اطلقها على درجات السلك الدبلوماسى المتعارف عليها دوليا ، وكذلك اجباره على الالتزام قبل ارسال ” أمناء مكاتبه أو سفاراته ” بتقديم سيرهم الذاتية مقدما قبل دخولهم إلى أراضي الدول المضيفة وذلك إما عن طريق السفارات الليبية المعتمدة فى الخارج أوعن طريق سفارات هذه الدول المعتمدة فى ليبيا .

وبعد تقديم سير أمناء مكاتبه الذاتية طبقا للتشريعات الدوليه ،عليهم أيضا انتظار الموافقة على قبولهم كسفراء بهذه الدول ، وقد يستغرق رد هذه الدول بالقبول وقتا قصيرا أو طويلا ، واذا لم يصل هذا القبول خلال مدة معينة ، يعتبرذلك رفضا للسفير المعين ، ويعتبر الشخص الذى رشحه النظام غير مرغوب فيه ، وعلى الدولة المرسلة ترشيح غيره .

وإذا كانت الدولة المستقبلة أو المضيفة من حقها ان ترفض قبول السفير المرشح لها ، فهى أيضا ليست مجبرة على توضيح الاسباب التى دعتها للرفض ، كما انه من حقها أيضا سحب الموافقة التى أبدتها بقبول السفير دون ابداء الاسباب ايضا .

وعند استلام السفير او السفراء المعينين ما يفيد قبولهم لدى الدول المستقبلة ، أو المضيفة ، عليهم عند سفرهم إليها اصطحاب أوراق إعتمادهم ، وهى عبارة عن خطاب يعد بصيغة معينه متعارف عليها موقع او مختوم من قبل رئيس الدولة المرسلة موجه إلى رئيس الدولة المستقبلة للسفير ، ويتم من خلال هذا الخطاب تقديم السفير كممثل شخصى لرئيس الدولة المرسلة. وليس من حق السفير المرشح حتى بعد دخوله اراضى الدولة المضيفة ممارسة اعماله كسفير الا بعد قبول أوراق إعتماده من قبل رئيس الدولة المضيفة ويتمتع السفير المرشح فور تقديم اوراق اعتماده لرئيس الدولة المضيفة بالحصانه الدبلوماسية وبحق ممارسة اعماله داخل اراضى الدولة المضيفة ولا يجوز ان تقدم اوراق الاعتماد او يتم تبادلها الا بين دولتين مستقلتين، وتنتهى الحصانة الدبلوماسية التى يتمتع بها السفير أو طاقم سفارته بانتهاء عملهم فى الدولة المضيفة .

هكذا وبهذه الصورة يتم تعيين السفراء أو تبادلهم بين الدول المتحضرة ، وذلك بالالتزام باتباع سلسلة من الاجراءات والشروط المتفق عليها طبقا لما تقضى به المعاهدات والتشريعات الدولية

والسؤال الذى يطرح نفسه بعد هذ التوضيح.. هل التزم المجلس الانتقالى عند تعيينه سفرائه بالخارج بمراعاة هذه الشروط والالتزامات المتعارف عليها دوليا … وهل هؤلاء السفراء تم قبولهم واعتمادهم من قبل الدول المستقبله لهم بصورة قانونية.تتمشى والتشريعات الدولية ……؟؟؟ وهل اكتسب هؤلاء المعينين صفة سفير او سفراء وفقا لاشتراطات اتفاقية ” فينا ” للعلاقات الدبلوماسية ، ام ان الدول المضيفة قبلت تعيينهم ” من باب المجاملة ” تحت مسميات أخرى كقائمين بالاعمال وليس كسفراء .

وكمثل حى على ماذكرته من عدم الالتزام بالتشريعات السارية فى تعيين السفراء الليبيين فى الخارج وفقا للمعايير والنظم الدولية المتعارف عليها أضرب لكم مثلا بتعيين سفيرنا فى بريطانيا ” الذى احمل له كامل التقديروالاحترام ” ..فهل قدمت سيرته الذاتية للحكومة البريطانية مسبقا ….واذا كانت قد قدمت ..هل تم ذلك ذلك قبل ان أن يدخل أراضى المملكة المتحدة ( علما بانه متواجد داخل بريطانيا حتى قبل تعيينه ) …وهل سلمت له اوراق اعتماده موقعه من قبل الرئيس الشرعى للدولة الليبية موجهة الى الملكة اليزابت….وهل ..حدد له موعد لركوب العربة الملكية الفاخرة التى تخصص لتقديم اوراق اعتماد السفراء والتى تجرها الخيول لمقابلة الملكة فى قصرها فى ” باكنجهام ” لتقديم اوراق اعتماده وفقا للبروتوكول والتقاليد المتبعه والمتعارف عليها فى بريطانيا والتى من ضمنها الالتزام بارتداء بدلة ” الردنكوت السوداء”.. أو اللباس الوطنى الليبى …؟؟؟؟ … هل حدث كل هذا حتى نعترف به فعلا كسفير ؟؟ ومن هو المخول من الجانب الليبى الذى قام بتوقيع اوراق اعتماده.كسفير … ؟؟؟ هل هو رئيس المجلس الانتقالى … وهل يملك رئيس المجلس الانتقالى هذا الحق كرئيس دولة ويدخل ذلك فى اختصاصه …. ويعتبر متمشيا مع التشريعات فى كلا البلدين ؟؟؟.

أشك فى ان كل او بعض من هذه الامور قد روعيت أو طبقت عند تعيين سفرائنا بالخارج أو حتى أنها قد قبلت من قبل حكومات الدول المضيفة سواء فى بريطانيا أو اليابان او هولندا او بلجيكا ….أوأى دولة أخرى تم تعيين سفـراء ليبيين بها.

وعليه فان كل التعيينات لمن اطلق عليهم ” جزافا ” سفراء و تمت عن طريق المجلس الانتقالى أرى انها بمنتهى الشفافية والصدق ” باطلـة ” ولم تتخذ الشكل القانونى الذى يجب ان تكون عليه … وان هؤلاء الذين قيل عنهم سفراء ماهم فى فى الواقع وطبقا للتشريعات الدولية المطبقة إلا ” قائمون بالأعمال ” فى نظر الدول المضيفة ، وليسوا على مستوى سفـراء حتى وان اعتبرناهم نحن فى ليبيا “سفـراء ” من باب المجاملة .

أضف الى ذلك أنه ” وفقا لقناعتى الشخصية ” ليس من حق المجلس الانتقالى تعيين سفراء او توقيع رسائل اعتمادهم وهذا الحق مكفول ” فقط ” لرئيس الدولة الأصيل المنتخب دستوريا ، ولذلك فأنا استغرب إطلاق تسمية سفراء على هؤلاء ” القائمون بالأعمال” سواء من قبل المجلس الانتقالى او الحكومة المؤقته أو من قبل اى جهة رسمية او مدنية او من قبل أجهزة إعلامنا .

وهذه مجرد وجهة نظر رأيت ان أنبه لها لأهميتها فى تسمية الأمور بمسامياتها الفعلية .. وهى وجهة نظر أحببت أن اثرى بها النقاش الدائر حول صلاحيات المجلس الانتقالى خلا ل هذه الفترة العصيبة من عمر ثورتنا المباركة … وقد اكون مصيبا في وجهة النظر هذه وفى ما ذهبت اليه …. وقد أكون مخطئا … والله الموفق لنا جميعا فيما نصبوا اليه من تقدم وازدهار لليبيا الحبيبة