“إن وراء الأكمة ما وراءها”

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون صرح يوم الخميس 2013- 01- 31في طرابلس في مؤتمــر صحفي مشتـرك مع نظيـره الليبي علي زيــدان خـلال زيـارة مفاجئة قــام بهــا لطرابلس قــادما من الجزائـر أن السلطات الليبية قـد أعطــت الضـوء الاخضر ليـزور فريـق من الشرطـة البريطانية ليبيــا ، للتحقيق في جريمة لوكـربي االتى أرتكبـت فى الأجــواء البريطانية عام 1988. وتحـدث كاميرون ضمن هـذا التصريح عن التقـدم الـذى أحـــرز في التحقيق في مقتل الشرطية البريطانية ” ايفـون فليتشر” التى قتلت أثنــاء تظاهــرة أمام السفـارة الليبية في لندن عـام 1984.

وكـان مديـر مكتب التحقيقـات الفيدرالي الأميركي (اف بي آي) والمدعي العـام الأسكتلندي قـد زارا في أواخـر أبريل 2011 ليبيــا لبحـث موضـوع لوكـربي مع السلطـات الليبية ، واعتبـر مكتـب المدعي العـام الاسكتلندي أن “ملف لوكـربى لـم يقفـل وأن االتحقيق مــازال مفتوحــا في شــأن ضلـوع أشخاص آخــرين ” غيـر المقرحي ” في الإعتـداء.

والمعروف أن ملف مـا يسمى بتعويضات لوكربي كـان قـد حسـم بشكـل نهائى منـذ أن كـان القذافى فى السلطة وأن هذا الملف قـد قفـل وتــم تسويته تمـاما بالتراضى بين جميع الأطــراف وأن قيمة التعويضات التى قـدرت بقـرابـة مليـاريـن و700 مليـون دولار تـم تسييلها لصالح أســر الضحايا عـن طريق حكوماتهم ( 10 ملايين دولار عن كل ضحية ) أما مرتكب جريمه لوكـربى أو الـرأس المدبـر لها والذى يتحمل مسؤولية ارتكابها فقد انتهى ونـال جــزاءه العــادل كما أن عبد الباسط المقرحى المتهـم فى هـذه القضية قد انتهى هــو الآخــر أيضا ..!!!

وعليه فـــإن إعــادة فتح ملـفى لوكــربى والشرطية فليشر يجــب أن يتــم ضمـن خطـة مدروسـة تعتمـــد على الأساسيــات التالية :

أولا : أن موضوع التعويضــات قـد قفــل وأنتهى وحســم أمــره …!!!

ثانيا : أن الرأس المدبـر لجريمة لوكربى والمسؤول الأول عن إرتكابها عوقـب جــراء جريمته وأنتهى…. كمــا وأن المتهم الآخــر المدآن فى هـذه القضية ( المقرحى ) توفى وأنتهى أمـره أيضا…!!!

ثالثا : أن من سيثبت مشاركته بأى صورة من الصور فى ارتكـاب الجريمتىن ( لوكربى والشرطية ) وغـيـرها من جرائــم الإرهــاب على المستوى الدولى من الليبيين المتواجدين على الارض الليبية ، الجـانب الليبى هــو المعنى بالتحقيق معهــم ومقاضاتهــم … !!!

ويبقى فقــط ( دون التطـرق الى موضـوع التعويضـات) ليس أمامنا إلا عــدم الممانعـه فى متابعــة القضيـة بالنسبة للذيـن قـد يكونـوا شاركـو فى ارتكابها ، أو على صلـة بهـا ، أو عملـوا على إخفــاء بعض الحقائـق سواء من بـاب الخـوف من بطـش النظـام السابـق بهم أو من بـاب الولاء والتعــاون معـه ، وهـؤلاء من الممكـن أن نقسمهـم إلى فئتيــن: –

1- فئــة تتواجـد داخـل الأراضى الليبية بعض من أفـرادها قيد الإعتقال أو التحقيق معهم وسيتم عرضهم على القضاء الليبى للبت فى أمرهـم بالإدانه أو البراءة ،

2- فئــة ثانية يتواجـد أفــرادها خـارج الأراضى الليبية هاربـه من وجـه العدالة ويتمتع جــل أفــرادها بحمايـة من بعـض الـدول الغربية وخاصة ( أمريكــا وبريطانيا ) أو من يـدور فى فلكهمـا من دول عربيـة وأسيويــة .

وبالمقابـل أيضا فإنـه مـن حـق الدولــة الليبية ضمـن هــذا الإطــار من التعـــاون الأمنى أن تطالـب الحكومة البريطانية بفتح ملفــات التعـاون الأمنى بينهـا وبيـن نظــام القــذافى فى ملاحقـة رمـوز المعارضة الليبية في الخــارج ، ومعرفـة الإجــراءات التي لجــأت إليهــا أو اتخذتها الحكومة البريطانية فى التستر على المجرميـن الذين ارتكبــوا جرائــم التصفيــات الجسدية ضـــد أفــراد المعارضـة الليبيــة فى بريطانيــا أو فى بقيـة الـدول الأوروبية الأخــرى .

أما أن يفتح ملف التعويضات من جـديد ضمن سيـاق فتح ملف التحقيق فى قضيتى لوكربى وفليشر فهـذا أمــر مرفـوض من قبـل الشـارع الليبى وقـد يكـون عبــارة عـن مطــب ممنهج القصـد من وراء إعــادة فتحه إستنزاف المزيـد من أمـوال الدولـة الليبيـة .

وعلى حكومة الأستاذ على زيـدان أن تتنبه فــإن وراء الأكمة ما وراءها وأن تحـذر من … فأموال ليبيـــا وثرواتها اليوم لـم تعــد سائبة كمـا كانـت بالأمس القريـب وهى ليســت ملكــا موروثــا عـن الطاغيـة أو عــن أفــراد أسرتــه أو عن مـن تورطــوا معه فى إرتكــاب الجريمتين …. إنمــا هى مـلــك وحــق مــن حقــوق هـذا الشعـب دفــع فيها الدمــاء والعـــرق والدمــوع .

وضمن هذا السياق أورد فيما يلى بعض القضايا الأخـرى الهامة ذات الصلة ، المرفوعــه ضـد الدولـة الليبية والعالقـة أمــام المحاكــم الأمريكية والتى لازالت محـل أخــذ ورد بيـن الجانـب الليبى وحكومتى بريطانيــا وأمريكــا .

1 – قضية كومـوك

هذه القضية رفعتها المواطنة الأمريكية المسماة ( فيكتوريا كوموك ) وهى الوحيدة التى لم توافـق على التسوية الودية التى تمت فى قضية لوكربى وهى قضية مرفوعـة ضـد الدولـة الليبية ولازالـت منظورة أمـام المحاكـم الأمريكية ، والمبلغ المقترح من قبل الجانب الليبى لقفـل ملف هذه القضية ، كـان يترواح مـا بين 35 – 40 مليـون دولار أمريكى بينما المبلغ الـذى تطالـب به السيـدة كوموك مبالغ فيه وهو أضعاف هـذا المبلغ المعروض .


2- قضية بيتشــام

وهى أيضا قضية مرفوعه من قبل أسر الضحايا الأمريكيين المصابين بأضرار من جراء حادثة تفجير ( ملهى لابيل ) ضد الدولة الليبية ، وهى منظورة حاليا أمام المحاكـم الأمريكية ويطالب أصحابها بمائتى مليون دولار كتعويض عـن الاضــرار + ثلاثة بليـون دولار كتعويضات عقابية ،علما بأن الجانب الليبى كان قد عرض كتعويض ما بين ( 150 ) مليون دولار بالنسبة لعـدد ( 40) ضحية من بين الذين قبلوا التسوية الودية بينما رفض عدد 21 ضحية هذه التسوية .

3- قضية برايس وفـــراى

رفعت دعـوى هذه القضية امام المحاكم الامريكية عام 1997 من قبل كل من ( ميشيل برايس وروجــر فــراى ) وهما مواطنـان أمريكيان كانــا يعملان فى ليبيـا منذ عـام 1980. اتهمــا من قبل النظام السابق بإرتكاب أفعـال إجراميه عندما قبض عليهما متلبسين بالقيـام بتصويـر مواقع خربـه داخـل مدينة طرابلس بصورة مشينة وبما فسر على أنه محاولة لاستخدام هـذه الصور كدليل يسىء إلى ليبيــا ، وقــد قضت محكمـة جنايـات طرابلس ببراءتهما عمـا نسب إليهما وتقدم محامو المدعيـان بطلب للحجــز على الأموال الليبية فى أمريكــا … علما بان التسوية الودية قضت بتعويض كل منهما بما يعادل 15 مليون دولار فى الوقت الذى يطالب فيه كل منهما بمبلغ 20 مليون دولار .

4- قضية ايفـون فيشر

فى 17 أبريـل 1984 أنطلـق عــدد من الرصاصات الطائشة من داخـل مبنى السفـارة الليبيـة فى لنـدن ، وأصابـت إحــدى هــذه الرصاصات الطائشة الشرطيه البريطانية إيفـون فليشـر أثنــاء حمايتها للتظاهــرة المناهضة لنظـام القـذافي فى مقتـل فلقـيت حتفها على الفــور بينما جرحــت الرصاصات الأخــرى عــدد من المواطنين الليبيين الذين كانــوا متجمعيــن فى التظاهــرة الإحتجاجية أمام مبنى السفــارة .

ومن المعروف أن وزيــر الأمــن الخارجى الليبى السابــق موسى كوســة ( الــذى الغــت بريطانيا الحجــر المفروض على أموالـه بعــد هروبــه إليها ) كــان يشــرف كقائـم بالأعمال على مهام ادارة السفــارة الليبية يــوم وقــوع جريمة قتــل الشرطية ، وكانــت تساعــده فى القيــام بتلك المهام شلــة مــن المواليـن للنظام الليبى مكونة من ( عبد القــادر البغدادى، معتـوق معتوق ، عمـر السودانى وصالح إبراهيــم ) . وكانــو جميعهــم متواجديــن داخـل مبنى السفــارة مع كافـة العاملين فيها من ليبييـن وأجــانب ومع عــدد مــن الطلبة الـدارسيـن فى بريطانيا، ووالحكومة البريطانية تعتبــر كــل من كــان داخــل مبنى السفـارة أثنــاء إنطلاق الرصاص من داخلـه متهما وإلى ان تثبت براءتـه ، والدبلوماسى الليبى الوحيـد من بين أعضاء السفارة الليبية فى لنـدن الذى يعتبر خــارج دائــرة الإتهام ( على رأى الحكومة البريطانية ) هو المرحوم مفتاح الفيتورى لكونه عند إنطلاق الرصاصات القاتلــة كان متواجـدا بوزارة الخارجية البريطانية .

والســؤال الذى يطــرح نفسه لمــاذا الحكومة البريطانية مصـره على فتح ملفـى ( لوكــربى والشرطيـة ) اللـذان تـــم تسويتهما خاصة وأن أســـر الضحايــا قــد تلقــت تعويضـات مجــزيــة من النظــام السابق ، وبمـا فيهـم أســرة الشرطية البريطانية فليشـر التى صـرف لهـا مبلـغ ربـع مليــون جنيــه إسترلينــي .

والـردود على هـذا السـؤال كثيـرة ومتشعبه ولا يوجـد بينها اى تعـارض يذكــر حيـث تكـاد تجمع كلها على أن هنـاك أهـداف منظــورة وأخــرى غيـر منظـورة تبـرر استعجـال الحكومة البريطانية على فتح تلك الملفـات من جديد .. والأهـداف المنظـورة تتمثل فى مواصلة البحـث عــن الأطــراف الليبية من عملاء النظام السابق داخل ليبيا وخارجها التى كانــت وراء ارتكـاب هاتيـن الجريمتين ( لوكـربى والشرطية ) ومتابعتهم قضائيا .

والمعروف أن وراء جرائــم الإرهــاب القذافيـة الدولية التى ارتكبـت خـارج الحـدود الليبيـة شبكات مدربة مـن المجرمين المحترفيـن الأجانـب والليبيين الذين هــرب العديــد منهــم بعــد سقوط نظام القذافى إلى العديـد من دول الجـوار ودول أوروبـا وبحوزتهـم العديد من الأســرار المتعلقة بهـذه الجرائــم وأسماء المشاركين فيهــا وطـــرق تمويلهـا .

أما الأهداف الغير منظورة فتتمثل فى الحصول على أكبــر قــدر من المعلومـات والمستندات والوثائــق الأمنية التى كانــت بحوزة النظـام الليبى السابـق وخاصة فيما يتعلـق بعلاقــتة بالجيش الجمهورى الأيـرلندي وطرق تمويله ، وكذلك الحصول على قوائم بأسماء الافـراد والتنظيمات الإرهابية التى كان يتعامل معها القذافى او يمولها والتى كان يجندها لخدمة وتنفيذ مخططاته الاجرامية فى آسيا وأفريقيا وأوروبا وبالطبع الحصول أيضا عل كل ما يتعلق بتحركات تنظيم القاعــدة فى ليبيا وضمن دول الجوار ومدى صلة هذا التنظيم بالتنظيمات المتطرفــه الأخــرى داخــل خــارج ليبيــا .

وهــذه الأهداف المنظورة وغيـر المنظورة وفقــا لتحليلات بعض المختصين هى التى كانـت وراء فتح الملفــات المذكورة ووراء إعطــاء الضــوء الأخضــر لقــدوم خبــراء الشرطـة البريطانية لزيــارة ليبيــا ، أمـا غيـر ذلك من التخمينـات والتخوفات فيرى هؤلاء أنه لا معني لها خصوصا وأن قضية الشرطية وقضية لوكـربي كمــا أسلفنــا من حيــث التعويضـات قــد ســواهــا النظـام السابـق مع كــل مــن بريطانيـا والولايــات المتحــدة الأمريكية……!!!

http://ashour.elemam.net/articles/?language=ar