نقطـة حــوار

لا أحــد يستطيــع أن ينكــر أن الهــدف الأساسى من إنشـاء الغـرف العربية الأجنبية المشتركة كان – وربما لا زال- هو تفعيل قــرارات المقاطعــة الصـادرة عــن الجامعــة العربيـة والتى تبنتهـا القمـم العربية المتتالية ، وقــد حقــق الإتحــاد العــام لغــرف التجــارة والصناعــة للبـلاد العربيـة والغــرف العربية الأجنبية المشتركــة العاملــة تحـت مظلتــه خــلال فتــرة السبعينــات ( فترة الوئام العربى ) عـدد من النجاحــات من أجـل تحقيـق هذا الهـدف وتطبيق المقاطعة فى مقاومة مشاريع وخطـط التغلغــل الإقتصادى الصهيونى فى بعـض الــدول الأوروبيـة.

ويرجــع بعض من المحلليــن السياسيين والاقتصاديين على حــد ســواء هــذا النجاح إلى ظـروف الوئام والتضامـن العربى التى كانـت سائـدة ومواتيـة خـلال تلك الفتــرة والتى وفــرت الدعــم والمسانــدة لتحقيـق هــذا النجــاح .

ولكـن المعطيـات العربيــة والدولية تغيـرت كثيرا عما كانـت عليه خــلال فتــرة السبعينــات وبالـذات منــذ أن دخلـت إتفاقيــة كامــب ديفيـــد ( التى هلهلت الثـوب العـربى وأمطرتـه بوابــل من الثقـوب التى تعــذر رتقهــا فيما بعــد ) حيــز التنفيـذ ، حيــث سيطرت على هذا الواقــع العــربى الحديـــث معطيـات جـديــدة أخضعــت معظــم دولــه لهيمنـة (القطــب الأوحـــد ) الـذى تزعـــم سياسة التطبيع فى العلاقــات مع الكيان الصهيونى .

وتسابقـت الـدول العربيـة إرضــاء لهـــذا القطــب الأوحــد إلى الإرتمــاء فى أحضـان هــذه السياســة الجديدة ضاربة عــرض الحائــط بكافـة الإتفاقــات الثنائية والجماعيـة الموقعـة فيمـا بينها والتى نصـت بكل صراحــة ووضــوح على تبنى خيار المقاطعــة الإقتصاديــة للعــدو الصهيـــونى كســلاح استراتيجى هـــام فـى المعركــة ضــد مخططاتــه الخبيثـــة

ولكى تتحايــل هــذه الــدول على مقـررات المقاطعـة التى سبــق وأن تبنتهــا القمــم العربية المتعاقبــة ونفذتهــا الغـــرف العربية الأجنبية المشتركــة أسســت هــذه الــدول عـن طريــق التوقيع على إتفاقــات ثنائية مــا يعــرف بالغـــرف الثنائيـة المشتركـة التى أصبحـت تعمل بمعــزل عـن الغــرف العربيـة المشتركــة و أصبحــت بالنسبـة لهـا بمثابــة ( الضــرة ) .

واخترعـت هذه الـدول أيضا مشاريـع المجالس المشتركـة لرجـال الأعمــال العـرب والأجانــب ، وأنشأت العديد من المؤسسات والتجمعـــات الإقتصادية المختلفـة تحــت مسميات عـديـدة الهـدف منهـا جميعـا بالدرجة الأولى الإفــلات من قيـود المقاطعـة التى تتعارض وأهــــداف منظمــة التجـــارة العالميــة ومخططـات سياســة العولمـــة .

وانطلاقــا من هــذه التغيـرات التى عصفـت بالعالــم العـربى …. هـل أصبح فى إمكان الغـرف العربية المشتركة أن تتأقلــم مع ما يفرضه عليهــا اليـــوم هــذا الواقــع العــربى المؤلـــم ؟؟؟؟.

وهــــل فى إمكانهــا أن تعــزل نفسها عـن الإنعكاسات السلبية لهـذا الواقــع أو أن تنـأى بنفسهــا عــن دكتاتوريــة سياسـة الأمـــر الواقـــع التى يفرضهــا – القطـــب الأوحـــد – تحـــت شعــاره القديـــم والحديـــث ( دعــــه يعمــــل دعـــه يمــــــر ) …؟

ويتســآل المواطــن العــربى أيضــا بعــد أن تشابكــت أمــام ناظــره الأعـــداد الضخمــة والهائلة مــن الغــرف العربية المشتركــة المنتشرة فى جميع أنحاء العالم ، ما هــو دور هــذه الغــرف الآن بعــد أن زاحمتهــا الغــرف الثنائيـة العربيـة المشتركـة التى استحـوذت على كافــة إختصاصاتهــا وسحبــت من تحــت أقدامهــا البســاط فى معظم أنشطتهــا فى دعـــم العلاقـــات الإقتصادية والثنائيــة بين البـلاد العربيـة و العــديد من الدول الأجنبيــة ؟؟؟؟؟

وهــل لازالـت هـذه الغــرف مؤهلــة لكــى تواصـل الدور المنــاط بهـا فى برامــج المقاطعــة ….. أم أن عليها أن تخنــع وأن تركـع هـى الأخـرى وتدوس على هـذا البرنامج ؟؟؟؟

وماهــو دور الإتحــاد العــام لغــرف التجــارة والصناعــة والزراعــة للبــلاد العربية ( الأب الروحــى لهذه الغـرف) بعــد أن أجهـض دوره الفعــلى و الأساسى فــى برامـــج المقاطعــــة … ؟؟؟؟؟

إن التساؤلات عن هـذه التناقضات التى تعيشها الغـرف التجارية العربيـة المشتركـة كثيـرة ، وكثيرة جــدا ، و ليس من السهل أن نجــد لهــا إجابـات منطقيـة أو مقنعـة ، وفتـح باب النقـاش فيهـا أو بهـا ضـرورة ملحـــة تقتضى منا العـديد من وقفـات الحـوار الصريـح والتأمـل الواضــح لمعايشــة الواقــع الفعـلى والتناقضى لهـذه الغــرف التى تحـول نشاطهــا الآن فى مجــال المقاطعـة إلى مجــرد ( كليشيهات) خاليـة من المضمـون .