شكـرا لـك… جضـران

أولا : اسمحـوا لى بتوضيح بسيط أريد ان أجعله فاتحة لمقالى القصير هـذا وهـوعبارة عن تفسير لكلمة الجضران التى يتم الحديث عنها وتداولها الآن سلبـا او ايجابـا على مختلف الاصعـدة سواء فى مجالسنا الخاصة او عبر نشرات الاخبار أو مـن خلال التعليقات الاعلامية او “المماحكات الزيدانية” داخل المؤتمرات واللقاءات فهذه الكلمة جضران اصلها”ضجران” ولكنها على طريقة النطق الليبى العامى حرفت بحيث قـدم ال (ج) على ال (ض) فاصبحت تنطـق “جضران” شأنها فى ذلك شأن العديد من الكلمات العربية الاصيلة التى حرفت فى العامية الليبية مثل زوج (بعل) التى تحولت الى” جـوز “…. ولا يتسع المجال هنا للاسترسال فى ايـراد العديـد من الامثلة لضيق مساحة المقال.
والضجر كما هو متعارف عليه يعنى السأم او الملل او الضيق أوالتبرم أى بصفة عامة عدم الرضى … وغالبا ما نطلق نحن هذه الكلمة او هذا التعبير باللهجة العامية الليبية (جضران) على الحالة التى تنتاب اطفالنا او حيواناتنا عندما تكون فى الاسر ونفك عقالها او اسرها فجأة فتنطلق بقوة تجرى فى الفضاء المتاح أمامها بدون تركيز وبشكل جنونى شمالا ويمينا فرحة بالحرية التى منحت دون إيلاء اى إهتمام لما قد يترتب على هذا الانطلاق الجنونى او هذه الحرية من عواقب او مشاكل.
والسيد الجضران بسيطرته على منابع النفط فى المنطقة الوسطى أصيب بهذا الملل أو هذا السأم او هذا التبرم والاحباط فقرر فرحا بما منح له من حرية وسيطرة ان ينطلق من عقاله واعطانا من خلال هذا الانطلاق العشوائى صورة واضحة لتفسير اسمه او لقبه… (جضران- ضجران) فهو قد ضاق به الأمر واعتراه الملل والسخط والتبرم وهو قابع فى مكمنه فى حراسة المنشآت النفطية… فقرر بعد ان تأكد من ضعف الدولة وعدم وجود من يوقفه او يردعه أن ينطلق وان يفك ضجره او جضره ( وأن يبرطع وأن يرمى بالبرذعة “ا لبردعه”  ) وحتى بمن هو فوق البرذعه أرضا فرحا بما توفر له من حرية ونفوذ ومساحات شاسعة دون عوارض او موانع او قيود…. ودون وجود شجاع  يتصدى له
واذا كان هناك الكثيرين ممن يلومون هذا الجضران على تصرفه هذا واعتباره خروج على ما نسميه اليوم شرعية الدولة ( إن وجدت ) … فأنـا على عكـس هـؤلاء أرى أن ( برطعـة ) السيد الجضـران ربمـا تكـون فاتحة خير وبركة لأنها عرتنا أمام أنفسنا…. وعرته هو أيضا وكشفـت لنا عن المستور وهو  ( ضعفنا ) الذى كنا نعمل على  إخفائه وعـدم كشفه… لقد عرت المؤتمر الوطنى…. وعرت الحكومة… وعرتنا جميعــا

زيدان والجضران2be8b817-864b-450e-b2eb-4e6070fe7b11_16x9_600x338
فشكرا لك سيد جضران…. فقد جعلتنا ندرك مدى ضعف وتفكك وهشاشة نظام الدولة… وعدم مصداقية  ووطنية مسؤولى الدولة..!!!!
شكرا لك جضران… لأنك بما انتابك من “ضجر او جضر”  وما قمت به من  ( برطعه ) قد وضعت النقاط على الحروف وكشفت الكثير من الاسرار والطلاسم التى كان يتستر وراءها من يديرون دفة الحكم فى بلادى..!!!
شكرا لك جضران… لانك أسقطت عنا ورقة التوت وكشفت للعالم سوءاتنا وأعلنت على رؤؤس الإشهاد انه لا قيمة للقرارات التي تصدر عن الدولة فهي مجرد حبر على ورق على الرغم من اننا شاهدنا ان مثل هذه القرارات كانت سببا فى سيلان الدماء وانتشار الخطف والاغتيالات…!!!
شكرا لك جضران….لأنك اعترفت انك غير قادر…. وانك محبط…. وانك عاجز…. وانك كمواطن ليبى فشلت عن رؤيـة الحقيقـة فى مواجهة اللوبي الاعلامى والتناحـر الحزبى والجهـوى ورأيت – وفقـا لقناعتك – أن استخـدام القـوة ( الظالمة )  والمال هى التى ستشكل كلمة الحق.. وتخضع لك  الدولة !!!
شكرا لك جضران….فى انك سحبت البساط من تحت زهور الربيع العربي فى ليبيا والتي كنا نضن انها – يوما بعـد يـوم و دون توقف – قـد أينعـت وأتت أكلها فى بلادنا…!!!…..
شكرا لك جضران…لانك فعـلا جعلتنى أؤمن اليوم عن صـدق وتبصر بالحكمة القائلة ” رب ضارة نافعـة ” وكذلك عسى أن تكرهـوا شيئا وهو خير لكــم … … !!!
وفي النهاية “جضـران”… نحـن نؤمن بـأن الله تعـالى بيـده كل شيء واليه ترجع الأمـور، وأنه سبحانــه وتعالى قـد يريد لليبيا خيرا نحــن نجهله – ولا رادا لأمـره – وانـك ( مخطئـا كنت او مصيبـا فى برطعتك ) قـد تكون بـادرة خيـر وأمـل  فى صحوة ضمائرنا لمـا نصبــوا إليــه ونرجــوه.