.ديمترا لياني والقذافي

ديمترا إليانى … ولقـاء القـذافي

( 1 )

أسمها ” ديمترا لياني” شقراء يونانية مطلقة أغريقية الجمال من مواليـد 30 ابريل 1955، يتمني الإقتران بها أي شاب فى عمرها ، والدها ضابط برتبة لـواء في الجيش اليونانى هو العقيـد ” قسطنطين لياليس ”  أمضت ديمترا جـزء من طفولتها في بيروت عندما كان والـدها ملحقاً عسكرياً في السفارة اليونانية فى لبنان حيث تعلمت اللغـة الفرنسية وقامت بتدريسها للاطفال ، لكن عملها كمضيفة طيران في الخطوط الأولمبية كانت قد بدأت منذ عام 1976 أثناء فتـرة زواجها ” المدني ” من المهندس المعماري ألكسيس كابوبولوس وتطلقا عام 1987 

بدأت علاقتها مع رئيس الوزراء اليوناني أندرياس باباندريو وفقا للتقارير المتداولة عبر وسائل الإعلام اليونانية عام 1987 بعـد طلاقها من زوجها وذلك عندما عينت مضيفة خاصة للزعيم اليوناني فى رحلته الخاصة على متن الخطوط الجوية الاولمبية إلى العاصمة الصينية للإجتماع مع الزعيم الصيني ” تنغ سيوبينغ “وخلال تلك الرحلة أعجب الزعيم اليوناني بهذه المضيفة الشقـراء الأنيقة التى خلبت لبه فأحبها وعشقها وبادلته هي أيضا الحب والعشق رغما عن أنه متزوج مرتين ومثقـل بهموم الزواج والأسرة والأبناء الأربعة وهموم الحكم إضافة إلي أنه كان يكبرها بقـرابة 35 عاما ولكن كما يقولون الحب لا يخضع للحـدود العمرية او الطبقية

أمتلكت ديمترا التى يدلعـونها فى اليونان باسم ” ميمي” لب وقلب رئيس الوزراء اليونانى العجوز ولـم يستطيع الإستغنـاء عـنها ولاعـن صحبتهـا متحديا الجميع وخاصة عندما أتخذ القراربأن يقترن بها كزوجه لـه وتخلى عن زوجته الأمريكية “مارجريت ” أم أولاده الأربعة التى صاحبته قرابـة 40 عاما وشاركته الحلو والمرطوال سنين نضاله فى الغـربة

ولكن المرض هاجمه قبل أن يحقـق حلم الزواج من معشوقته حيـث أصيب بأزمةٍ قلبية حادة الزمته الفراش واضطرته للسفرعاجلا الي لندن للعـلاج وليخضع لعملية جراحية خطيـرة على القلب قــام بها له البرفيسورالجراح المشهور يعقـوب تكللت بالنجـاح ، وكانت معشوقتـه ديمتـرا أو “ميمى ” بصحبته وإلى جانبه طيلة فترة العلاج فى بريطانيا لم تفارقه لحظة واحـدة

وعنـد عودته إلى اليونـان بتاريخ 22 أكتوبـر 1988 بعـد نجاح عملية القلب، كان فى إستقباله بالمطارعند سلم الآيرباص الأولمبية حشد كبير من مواطنيه للترحيب به وتحيته ، وعندما فتـح باب الطائرة أطـل الزعيم أندرياس باباندريو واقفا في أعلى سلـم الطائـرة رافعـا كلـتا يديـه محييـا الحشد الذي توافـد لتحيته بعـد مغامرته الصحية ، وبإيماءة مقصودة من يـده جـذب إليه حبيبته ديميترا لياني التى كانت تقـف خلفه تماما لتكون فى المقدمة بالقـرب منه على سلم الطائرة إكراما لها لتحي الجمهور المحتشد وكأنه بهذه الحركة بجـذب عشيقته بمحاذاته تماما علي سلم الطائرة يرسل رسالة تحـدى إلي منتقدية وإلي وسائل الإعلام المضاد لعلاقتـه بالشقـراء ديمترا اليانى ، ومنـذ ذلك الحين ، أقترن بها رسميا وأصبحت هى السيـدة إلا أن تنامي المعارضة السياسية الشديدة له من الأحزاب والتنظيمات التى هاجمته بتسريب العـديد من الصور العارية لمعشوقته فى أوضاع مختلفة نشرتها علي صفحات صحف ومجلات المعارضة بهدف الإساءة واسقاطه فى انتخابات صيف 1989 ، وفعـلا نجح تحالف  قـوي المعارضة المضاد من إسقاط حكومته ، لكن الزعيم العنيد لم ييأس ولم يستسلم – رغما عـن تدهـور أوضاعه الصحية – فعـاد بزخـم أقـوي إلى جذب الأضواء لينجح من جديد في انتخابات خريف 1993 ، إلا أنه بعـد هذا النجاح  تدهورت حالته الصحية  أكثر وأسوأ  ولم يعد قادرا علي تحمل مسؤولية قيادة الحزب ولا قيادة الدولة فأضطر إلي ترك الأمور لتصرف زوجته التي   عيّنها مديرا لمكتبه ” لا تفارقه لا في البيت ولا في العمل ” إلى درجة أن كثفت الصحافة اليونانية المعارضة هجوماتها عليه متهمة أياه بالخـرف وبأنه أصبح العـوبة فى أيـدى معشوقته التي أصبحت تتمتع متسلطة علي الرجل العجوزوتتمتع بنفـوذٍ كبير داخل حـزب الباسوك الاشتراكي مما أدّى فعلا الى حدوث انشقاقات وتصدعات متتابعة داخـل الحزب

مات العجوز باباندريو نهاية يونيوعام 1996 عن عمر يناهـز 77 عاماً، وتـرك معشوقته “ميمي التي كانت تبلغ يومها 42 عاماً ، أرملة في مهب الريح تتخبط وتحاول التشبث بسلطة الحكم وسـط هجوم سهام المعارضة من جهة وهجومات زوجته الأمريكية وأبنائهـا الأربعه من جهة أخـري ، وأنضمت لهـم فى هـذا الهجوم أيضا إبنتـه ” الغير شرعية ” من عشيقته السويدية

ولكن ارملة الزعيم اليوناني تستسلم واختارت أن تثير الجـدل حولها من جـديد بعـد وفـاة زوجها فنشرت عام 1998 كتابها الأول بعنوان ” عشرة أعـوام و 54 يوما تحدثت فيه بكـل جـرأة عـن أسرار حياتهما الخاصة مع الزعيم اليوناني ، تقول الأرملة فى بداية كتابها ” أنـا لا أدعـى الإبـداع أو البراعـة فى صياغـة صفحات كتابى هـذا فأنا لست بكاتبة محترفة ولا حتى موثقة لقصة حياة ،إنما أنا دونت هذه الصفحات من كتابي هـذا بمداد من نبضات قلبي سجلت فيه إعترافاتى بكل الصـدق وبمـا فاضت بـه أحاسيسي

وفعـلا يجـد المطلع على كتابها هـذا زوايا صغيـرة من التفاصيل الدقيقـة التي روتها بأسلوب يفيض سلاسة وعـذوبة فى وصف رومانسي جميل للحظاتهما الحميمة مثل ما حـدث في أول لقـاء جمعهـا على إنفـراد مع الزعيـم اليونـانى فـي مكتبـه الرئاسي حيـث أحتضنها بيـن ذراعيـه بكل العشق والهيام لأول مرة ، ورقصا معـا داخـل مكتبـه على إيقـاع أغنيـة فولكلوريـة برتغاليـة…..الخ

ومن الواضح أن سنوات الأرملة الحسناء مع الزعيم ” الذي كان من أبـرز المساهمين في رسم معالم الحياة السياسية في اليونـان على امتـداد قرابة  30عاماً ” لـم تقتصرفقط على الحب والسعادة داخـل عـش الزوجية ، بـل حفلت هذه السنوات بالكثيرمن المواجهـات والتصدي ضد من ناصبوهما العـداء من أفـراد أسـرة الزعيـم ، وحتي من قيـادات حزبه الذيـن سلطـوا الأضـواء على حياتهما الخاصة قبـل إرتباطها بالزعيم ، ونشروا صورها عارية لمزيـد من الضغـط عليها وعليه ، لكى يضعـفا وينهـارا ويستسلما ، ولكنها فى عناد الأنثى الشرسة قـررت أن تتحداهـم وأن تواصل وجـودها داخـل دائرة الضـوء السياسية وأن تكون الساعـد الأيمن لمعشوقها حتى آخـر أيـام حياتـه ، تتصرف وتتخـذ نيابـة عنه القـرارات الحاسمة عنـدما أقعـده المـرض وغيبه عن الـوعي في نوفمبر 1995

على أى حـال تعـرض هـذا الكتاب لإنتقادات كثيرة مـن قبـل أسـرة الزعيم المكونـه من زوجتـه الأمريكية السابقـة مارغريت وأبنائها الأربعـة إضافة إلي إبنة باباندريـو” غيـرالشرعية ” من زوجته السويدية ، الجميع تهجم عليها بأقــذع الألفـاظ و بأحـط الأوصاف وأرذلها ووصفوها بأنها ” صقـر نهـم لا يشبع ” خاصة وأن زوجها قبـل وفاتـه كـان قـد كتب بإسمها الفيـلا الفخمة التي كان يملكها فى أرقـى مناطـق العاصمة اليونانية بما حوته من مقتنيات أثـرية وتاريخيـة ثمينة تخصه شخصيا 

ونشرت ديمترا ليانى كتاباً آخـرعام 2015 لاحقـا لكتابها المذكور تحت عنوان “غضب أندريا ” ردا علي كتاب غريمتها الأمريكية “مارجريت ” الزوجة السابقة للزعيم اليوناني كانت قد نشرته تحت عنوان ” الحب والسلطة ، خصصت بعـض من صفحـاته للرد على ما أعتبرته أكـاذيب وردت فى كتاب ضرتها الأمريكية التي وصفتها بأنها كانت إمرأة سيئة وشريرة غيـر مخلصة لزوجها ، وأن العلاقـات بينها وبين زوجها أندريا باباندريو كانت مقطـوعة منذ زمن بعيد بسبب سلوكها وخياناتها لزوجها

وفيما يتعلـق بعلاقـة السيدة ديمترا إليانى برؤساء وزعماء العالـم كشفت السيدة فى حديث لها مشوق علي قناة التلفزيون اليوناني ( أنتينا ) أن الرئيس الفرنسى فرنسوا ميتران كان يـزوراليـونان كثيرا تحت جنح الليل بصحبة عشيقته زيارات غرامية سرية وكانت  مع زوجها يقدمان لهما التسهيلات لكى يمضيا وقتـا سعيـدا فى ضيافتهما ، وكانا حريصان علي عدم تسرب أي معلومات عـن هـذه الـزيارت الغرامية للرئيس الفرنسي وعشيقته للمتلصصين ، وكان الرئيس الفرنسى ميتران تعبيرا منه عـن إمتنانه لحسن الضيافة التى كان يلقاها هو وصديقته في اليونان من قيل ديمترا و زوجها ، يرسل بصفة خاصة للسيدة ديمترا إلياني عندما تزوره في ” باريس” بباقات رائعة من الورود والزهور النادرة والجميلة التى لم تر ديمترا فى حياتها أجمل منها

أما فيما يتعلق بعلاقتهما بالمستشار الألماني هيلموت كـول فقـد وصفته خلال نفس المقابلة التلفزيونية بأنه رجـل ضخم الجثة الى درجة أنه عند زيارته لهما باليونـان يعلنان حالة الطوارئ ، ويعملان هى وزوجها على تجهيز مقعـد خاص لـه لإحتـواء جسمه العـريض ، وانـه ذات مـرة داس على قـدم زوجها وتسبب في إصابته بكـدمة كبيرة تطلبت رعايـة طبيـة خاصـة

وذكـرت فى نفس المقابلـة أن زوجها باباندريـو يغيـرعليهـا رغما عـن أنـه لا يظهـر ذلك ، وقـد حـدث في المانيا عـام 1992 أثنـاء حضورهما جنـازة المستشار الالمانى ” ويلي براندت ” أن إقتـرب منها ولي عهـد بريطانيـا الامير تشارلز للتسامر معهـا لتبديد بعض من جو الكآبة والحزن الذي كان مخيما على المكان ، وعندما لاحظ زوجها أندرياس محاولات الأميرتشارلز للتقرب منها أقترب هو منها وهمـس فى اذنها قائلا..” إحـذري منه…إنه إنسان ماجـن… فقد يدعوك بعـد قليل لتشربى القهوة بصحبته في الخارج

هذا ما صرحت بـه أرملة الزعيم اليوناني الراحـل ” أندرياس باباندريو” عـن علاقاتها ببعض رؤساء وزعماء بعض الدول ،ولكن مايتعلق بلقائها  بالزعيم الليبي معمر القذافى الذي كانت تربطه علاقة خاصة بزوجها رأت أن تفـرد لهذا اللقـاء برنامجا خاصا تحت إسـم ” وجها لوجه  ” عـرض علي  قناة ستار اليونانية ظهرت في بداية البرنامج السيدة ديمترا الياني جالسة على كرسى داخـل خيمة بدوية برفقـة الزعيم الليبى معمر القـذافى تجـري لقاءا صحافياً معه في العاصمة الليبية طرابلس وذكرت “اليانى” في بداية برنامجها أنهـا سوف تجري فى برنامجها المذكورعـدة لقـاءات متتابعة مع شخصيات سياسية وفنية واجتماعية هامة كـانت قـد التقت بها بصحبة زوجها وذلك لمعرفة الوجه المتخفى لهذه الشخصيات وأختارت أن يكون أول الضيوف فى حلقاتها التلفزيونية الزعيم الليبي معمر القذافي علي إعتبار أنه عالميا شخصيـة جدلية سياسية هامة ، ومن جهة أخـري يعتبر شخصية خاصة مميزة بالنسبة لها لكونـه صديـق شخـصي لزوجها الراحـل أندرياس باباندريـو منذ عام 1977 عندما التقيا معا لأول مرة فى العاصمة الليبية طرابلس بحضور الزعيم الفلسطيني الراحل ياسرعرفات الذي كان قد قام بترتيب ذلك اللقاء بين زوجها والزعيم الليبي وكان حينها زوجها زعيما لحزب الباسوك اليوناني ولم يكن رئيسا للوزراء فى اليونان ثم تكررت اللقاءات بينهما بعد فوز حزب زوجها فى الانتخابات اليونانية العامة التى جرت عام 1981 والتى على أثرها تولي فاز باباندريو برئاسة الحكومة اليونانية مرتين كانت الاولي فوزه برئاسة الوزراء مابين عامي  1981- 1989 والثا نية مابين عامي 1993- 1996
وذكرت السيدة إليـانى انها لم تلتتق الزعيم الليبي معمر القذافى وجها لوجه إلا عندما كانت عضوا في الوفـد الرسمي اليوناني الذي كان مرافـقا لرئيس الوزراء أندرياس باباندريو فى زيارته الرسمية لليبيا اوآخـر شهر سبتمبرعام 1984
وكان ذلك قبل زواجها من باباندريو الذى تحقق عام 1989

وأفادت أن ذلك اللقاء معها مع الزعيم الليبي كان أول لقاء يجريه بعـد جو من العزلة لقرابة خمسة عشر عاما كان قد فرضها على نفسه بعـيدا عـن  الصحفيين ورجال الإعلام الاجانب وأنها نجحت فى تأمين هذا اللقاء ليكون خلال شهر فبراير 2005 وذلك بعـد قرابة ثلاث سنوات من الترتيبات المكثفة

وكان لتعاطف الزعيم الليبي معها شخصيا وحبه وتقديره لزوجها الراحل أثره الكبير في إنجازهـذا اللقاء عـن طريق السفارة الليبية فى اليونان التي سهلت إجراءات الدخول إلي ليبيا لها ولفريقها الإعلامي ، كما أن سفـرهـم الى ليبيا كان سهلا وميسرا حيث استقبلوا بحفاوة بالغة فى مطار طرابلس الدولي بكل ، وعوملوا بإهتمام كبير كوفـد رئاسى وليس كوفـد صحـفى حيث كانت هناك أعداد من السيارات الفخمة مجهزة بالحراسة وبالمرافقين تولت توصيلهم تحت حراسة و اجراءات أمنية مشددة من المطار إلى أحـد فنادق العاصمة الراقية حيث قدمت لهم كل وسائل الراحة والاقامة المرفهه وبما فى ذلك الاطعمة الفاخرة ، وقيـل لهـم أنهـم سيبقون ظيوفا فى الفندق الى أن يتـم إحاطتهم بموعـد اللقـاء مع الزعيم الليبى ، وأنهم خلال هذه المدة  هم أحرار فى التحرك خارج الفنـدق لزيارة المعالم السياحية لمدينة طرابلس فى أى وقت شاؤا وتم تخصيص فريق من الشباب لمصاحبتهم أثناء تجوالهم

وقالت السيدة ليانى أنهم أثناء تجوالهم داخل أزقة وشوارع مدينة طرابلس بدت الأمور فى المدينة هادئة وآمنة ، ولم يشعرالوفـد بأي خوف أو يلمس أى مضايقة أثناء التجوال داخل المدينة ، وكانت هناك فى وسط المدينة العـديد من المشاهد الجميلة التى تجذب وتسترعى الإنتباه من قبل الـزوار، غير ان ما لفت نظرنا أكثر أنها لم تـر أي مظهر من مظاهر الفقر المدقع الذي كانت قد صدمت بانتشارها في بعض من الدول الأخرى التى زارتها وليبيا كما ظهرت لها بلد نام يتطور ويتغير بهـدوء

وذكرت السيدة اليانى ان اقامتهم فى طرابلس كانت على حساب الدولة الليبية فى أفخم فنادق العاصمة ، وكانت إقامة مريحة جدا مستجابة فيها طلباتهم بكل أريحية وكرم ، ولم يكن ينقصهم سوى تحـديد اليوم والساعة المحددة للقـاء بالزعيم الليبى، والتى أفاد مرافقهم من رجال البروتوكـول الرئاسى بأنها خارج إرادتهم معتذرين بكـل خجـل وأدب عـن عـدم قدرتهم على التكهن بها ، وأنها قد تتقـرر فجأة فى أى لحظة ، وحسب توضيحهم ان هذا الاجراء مطبق مع كـل الأجانب الذيـن يودون اللقـاء بالقائـد الليبى فهو وحـده الذي يحـدد لهم اليوم والساعة التي سيراهـم أو يلتقى بهـم

وفي اليوم التالي قالت السيدة ليانى ” فو جئنا بدعوتنا على عجـل للقاء كما هو متوقع ، ولم نكن حينها فى حالة من الإستعـداد التام لذلك ، ولكن لم يكن أمامنا إلا الإذعان ، وهرعنا فى استعجال الى مدخـل الفندق حيث كان فى إنتظارنا قافلة من سيارات الشرطة والدراجات النارية وعشرات من أفـراد الأمن من الجنسين الذين إصطفـوا لمرافقتنا أمام مدخل الفندق الرئيسي ، ووبعد أن تم حشرنا داخـل ذلك الأسطول الطويل من السيارات، أنطلق بنا الركب عبر طرقات المدينة الضيقة فى مظاهرة مصحوبة بأبواق السيارات وزعيق الشرطة عبرالمكرفونات تطلب من الناس والمركبات إفساح الطريق لموكبنا ، وكانت نهاية مشوارنا داخل معسكر كبير محاط بالأسلاك الشائكة تم إيقافنا عند مدخله من قبل فرقـة من الجنود مدججـة بالسلاح ، وسمعنا مرافقينا يتبادلون معهم عبارة ” يونـان… يونـان ” وهي تعني ” أننا وفد يوناني”وسمح لنا بالدخول ومواصلة المرور داخـل ذلك المعسكر لنفاجأ بتوقيفنا أيضا عـدة مرات من قبـل عـدد من البوابات الأمنية الأخرى التي  لا تقـل عـن سبع بوابات تعرضنا خلال كل بوابة الى فحوصات أمنية متكررة ، إلي أن أنتهى بنا المطاف داخـل ساحة متسعـة لمبنى متواضع أدخلنا إلى إحـدى ردهاته الفسيحة التي وجدنا بداخلها فى انتظارنا السيد ” بشير” المكلف بالاشراف علي تنظيـم اللقـاء وبرفقتـه عـدد من رجال الأمن قامـوا أيضا مجـددا  بنفس الاجراءات الأمنية للتأكـد من هوياتنا ،غير أنهم هذه المرة سحبوا منا هواتفنا وحقائب اليد الصغيرة الخاصة وكل ما من شأنه أن يثير الشبهة ، وحتي قلـم مديرنا ” تاسوس فرسيم ” لم يسلم من السحب ” بسبب شكله المميز  ” خوفا من أن يكون هناك شيء ما بداخله قد يعترض حياة الزعيم للخطـر

وواصلت السيدة اليانى الحديث فى برنامجها بأن السيد بشير أبلغها بأن هذا اليوم سوف لن يكون هناك لقـاء للوفد الصحفي بالقائد معمر القذافي بل سيكون اجتماع تعارف مبسط مقصورعلى حضوري مع ثلاثة فقط من المرافقين لى ، وأختـرت أن يكـون هـؤلاء الثلاثة السيد طاسوس فرسيـم وسكرتيرتى السيدة فانيا ديفوريا مع المترجم وصعدنا أربعتنا مجـددا إلى السيارات لتتجه بنا صوب مكان اللقاء الذي يبدو انه لم يكن بعيدا، وكان عبارة عن فضاء نصبت داخله ثـلاث خيام بدوية متباعـدة تتوزع حولها أعـداد من الجمال مابين واقفـة ورابضة…وتـم إقتيادنا بعـد أن هبطنا من سياراتنا الى إحدى الخيام التى كان بداخلها عـدد من المقاعـد البلاستيكية العادية يجلس فى صدارتها القائـد معمر القـذافى على كرسي خشبي مميز طويل القامة ، وقف  الرجل لنا بمجرددخولنا للخيمة وصافحني بالاحضان مرحبا بى وبزملائي وقبلني على وجنتي ثلاث مرات وفقاً للتقاليد العربية

وكان جـل حوارنا يتـم عـن طريق الترجمة خلال ذلك اللقـاء القصيرالذي لـم يتعـد 45 دقيقـة وكان أغلبه يـدورعـن زوجى وعـن اليونـان وعن ما آلت إليه أوضاعها السياسية والإقتصادية من تردى بعـد رحيـل زوجي ، وكان القـذافي طيلة حديثي معه  ينصت لها  باهتمام بالغ دون ان يقاطعها ، وعندما أزف وقت المغادرة …. لم يكن امام السيدة اليانى الا أن تودع القائد الليبي وهى محبطة وقا لت له وهى تصافحه مودعه” أنا لن أغـادر ليبيا إلا إذا أتممت مع سعادتكم اللقـاء الصحفى الذي قدمت من اليونان الي ليبيا من أجل إتمامه ” .. فابتسم لها ابتسامة هادئة ولم يجبها بأى كلمة ، فقط ودعها بحرارة ، لكن حدسها ” كما وصفته ” كان يقـول لها حينها أن اللقاء الصحفي سوف يتحقق

وفعلا فى صباح اليوم التالي ، كما افادت السيدة الياني فى برنامجها طلبوا منها أن تسلمهم قائمة الأسئلة لفحصها فسلمتها لهم وكانت تحتوي علي  قرابة 60 سؤلا ، إلا أنها بعـد الفحص والمراجعه أرجعت لها بعـد أن تـم شطب نصف الأسئلة التى كان معظمها يتعلق باستفسارات شخصية ،وفى ظهر نفـس اليوم طلب من الوفـد فجأة الهبوط فورا من حجراتهم الى صالة الفندق إستعددا للتوجه للقاء بالقائد الليبي وتم حشرهم داخل  السيارات التى كانت فى إنتظارهم خارج الفندق وانطلق موكبهم إلي مقـر اللقاء الذي كانت قد نصبت به الخيام وتم إدخالهم إلي واحدة منها تجمع داخلها بعض  من صغـار الجنـد المسلحين وبها عـدد من الكراسى البلاستيكية المتباعدة تتوسطها طاولـة بلاستيكية صغيرة لـم يكـن فوقها شىء سـوى عـدد إثنان من نشاشات الذباب العجيبة المصنوعة من سعـف النخيل لإستخدامها فى نش أو إبعـاد الذباب الذي كـان يتطايـر بكثافة حـول الخيام  وحتي داخلها بسبب تواجـد مرابط الجمال وروثها على مقربة من الخيام ، وجاء بعض من الحرس ورشوا الكراسي والطاولة والمنطقة المحيطة بالمطهرات إنتظار لقدوم القـذافي الذي يبدو أن لديه فوبيا من الميكروبات إلى درجة أنه لا يستلـم أي شيء من أى زائـر إلا عـن طريـق وسيط من رجالـه المحيطين به ، وعندما أرادت السيدة اليانى أن تسلمه ” مسبحة زوجها الراحل ” كهدية وتذكار منها له أسرع أحـد حراسه ليتلقفها منها نيابـة عـن سيده القذافي

فى هذا اللقاء الأخير قالت السيدة الياني ان معمرالقذافي رد على بعض الأسئلة التى كانت قد طرحتها عليه ، وكان من ضمن اجاباته ، أنه كان منذ البداية ضد تطرف بن لادن ، وحارب انتشار افكاره المتطرفه وكذلك أتباعه فى ليبيا ، وأنه لازال صامدا ضـد التطرف الإسلامى بصفة عامة ، إلا انه في نفس الوقت يدعـم نضال وتحرر الشعـوب المضطهدة ، وتحدث أيضا عن التغير والتطور الايجابى الذي شهدته ليبيا منذ ثورة الاول من سبتمبر 1969 فى العـديد من المجالات  السياسية والإقتصادية وحتي الإجتماعية وركز بصفة خاصة على تطور وضع المرأة الليبية التى على حد قوله كانت مكبلة بالقيـود والتقاليد وأنها اليوم فى ليبيا نالت حريتها وحقوقها التى كانت في السابق محرومة منها حيث يمكنها العمل في أي مجال ترغبه بحرية كما يمكنها السفر لوحدها ويمكنها دخول الجامعات جنبا الى جنب مع زميلها الرجل ودراسة كافة التخصصات ، وكان طيلة اللقاء يتحاشى الدخول فى أى حوار او حديث عن أسرته أو عـن حياته الخاصة

على أى حال القائد معمرالقذافى فى لقائه هذا مع أرملة الزعيم اليونانى باباندريو كان متحفظا جـدا الأمرالذي لـم يخرج هذا اللقـاء بالصورة التى كانت تتمناها أو تطمح اليهـا ” الأرملة الطروب” لكى تفاجئ بها متابعى برنامجها التلفزيونى على قتاة ستار اليونانية … ويبدوا أنه خيب أملها فى أن تقتنص منه تصريحات صحفية مثيرة نرضي طموحها  … أنتهى

تعليقـات القـراء

Abdelsalam Abozakok

رائع رائع في انتظار الجديد يا سيادة السفير

Hakeem Athameen

دمت ودام قلمك سعادة السفير.

حسن الوافي

شخصية مثيرة للاهتمام ..

Mohamed Younis

أسلوب سردي و روائي رائع … شيق و غير ممل … ننتظر البقية .

Ehwass Kh

قلم رشيق و سرد مفيد .. دام عطائك

محمد خرشوف

سردٌ جميل .

عبدالحميد بطاو

مساء الخير ايهاالدرناوى الاصيل لقد سبق ان قلت لك ان نظام المذكرات والسير الذاتية ليس من ثقافتناالعربية لالشيئ الا لانهم لايعرفون كيف يكونون واضحين وصادقين فى سردها وهاانت تتقدم وبشجاعة لتقدم هذه الاوراق التى تشمل سيرتك الدبلوماسية وماجابهت من احداث فاتمنى ان لاتكتفى بالنشر على صفحتك بالفيس بل لابد ان تنسقها فى مطبوعة تقدم من خلالها سيرتك العطره ثم انشطتك الدبلوماسية مع محاولة ان تتحاشى ذكر الاسماء صراحة انى اتابعك واعلن اعجابى وحماسى لسردك الرائع حفظك الله وكل عام وانت وكل احبابك بالف خير

Mahmud Alshukri

قلم سيال

حياة اليونان

ربي يحفظك و يعطيك الصحة يا رب

Nasser Eldissi

موفق سعادة السفير.

بلد الطيوب

سرد شيق وموضوع مثير أكيد مقدمة لما سيكون اكثر اثارة . نحن ننتظر المزيد . تحياتي صديقي وجاري Elemam Ashour.

Hussein Salh

في انتظارك أستاذ عاشور قصة شيقة

علي ابراهيم الشريف

سرد جميل كجمال سيرتك…كل عام وانتم بخير

محمد القايدي علي القايدي

كم لذيذه هذه الحلقه ينبوع عاطفي شد الكثيرون وانا منهم. لقد شددتنا اليك اكثر جعلتنا نرتقي اكثر.. اصبح البعد القصصي اوسع به مساحه شاسعه. ينساب كشلال درنه نحس اننا في المنقار العالي.. اه يا ابن درنه الرائعه اعدك سوف اكتب عنها عن المنغار والصحابه والساحل الشرقي وبو منصور تصور ان الاندلسيين قد استقرو هناك طاب لهم المقام. وانجبوا اجيال رائعه مثقفه واعيه زمان قالوا حتي بحر درنه هادي امواجه هادئه..
. ننتظر الجديد عن اله جمال الاغريق شوقتنا اكثر.. سعادة السفير

Omar Freites Excellent memoir of an experienced diplomat with smooth narrative events of the writer experience during his carrier. Well done and an enjoyable reading.

Ben Nasr Suzey

اكمل ارجوك

غافر غافر

تشد القاريء وتجدبه وفي لحظة اكتماله يتوقف… كإنقطاع التيار الكهربائي على المواطن الليبي وهو مشدوه للحظة فرح قل مايراها من بين كثرة السلبيات اليومية التي تفاجئه… رائع سعادة السفير وجميل

Khalifa Ahmed

نهنئكم على هذه الذاكرة وعلى هذا الأسلوب الأدبي الشيق و الرائع.
حفظكم الله ورعاكم سعادة السفير .

Najia Ben Rhaiem

قصه شيقه، نستنى البقيه انشاءالله 🌞

ام الهيثم

  • ربي يحفظك ويعطيك الصحه والعافيه ..

كمال التواتي Merci beaucoup … l’écriture diplomatique est toujours présente .. On attend toujours plus

بلد الطيوب

طرح شيق عن السيدة الياني. ننتظر المزيد من الحديث عن هذه الاوراق ياسيد عاشور

علي عبد السلام

ونحن في الانتظار علي اخر من الجمر

Ehwass Kh

تأريخ رائع و شائق

Ahmed Gzllal

رائع سعادة السفير

محمد القايدي علي القايدي

انتظر فقط اتمني ان تكوه باذخا في طرح المعلومات

Sana Dean

دائما متألق حفظك الله ورعاك

Intisar Tomzini
في انتظار تتمة المفكرة …
مع الشكر.. ☕☕

 

هاني بلقاسم الزاوي

وهل لقت الحلقة النجاح في اليونان؟

Elemam Ashour

هاني بلقاسم الزاوي …لا استاذ هانى …لقد قلت ذلك فى نهاية الادراج …شكرا عالمتابعة

هاني بلقاسم الزاوي Elemam Ashour الشكر لك أستاذعاشور

Abdelrazak Alhetoshi

Abdelrazak Alhetoshi Elemam Ashour استادى عاشور الإمام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكيف حالك وحال الابله…. أخى ورفيقي أنا أتفق معك في سردك الجميل فأنتم قدوهلنا  نقتدي ها…للمعلومية الاخ محمود عبدالونيس طلب منى رابطك على الفيس وسوف يتواصل معك… سلام

Abdullatif Elkib

شكرًا أستاذ عاشور. علي تطوعك بالكتابة علي ما مر بك خلال عملك الدبلوماسي وهو ما يساعد علي تسجيل الأحداث التي تغيب عن الكثيرين في مرحلة كانت كثيرا من أحداثها المهمة غائبة عن الجميع. طبعا مجرد ملاحظه علي ما ذكر في اللقاء عن إنجازات ،البنية التحتية التي هدمت. والمرأة جنبا إلي جنب مع الرجل وكانت قبله بسنين كثيرة في الجامعات والعمل. رمضان كريم.

أستاذ عبد اللطيف …هو  فعلا كما تفضلت كنا فى مدرجات الجامعه الشاب والشابة معا فى بنغازى.. انا هنا فقط ترجمت ماقالته السيدة على لسان القذافي  عندما قابلته

Abdullatif Elkib

كل جيلنا يعلم ذلك طبعا بس للتذكير لمن لا يعلمون

أبو إلياس إبراهيم قحيط Elemam Ashour وفقك الله معالي السفير

Abdelsalam Abozakok

شنو صار بعدها ياسي عاشور

ماصار الا الخير استاذ عبد السلام …….وكل عام وانتم والاسرة الكريمة بخير

Said Abdulaati

شكرًا يا أستاذ عاشور علي هذا السرد الراءع
كما عودتنا   لكم التحية والسلام

Elemam Ashour Said Abdulaati تحياتى اخى الفاضل د. سعيد من بلد الرقريق ..والله بى شوق للقياكم ارجو ان تكون والاسرة الكريمة بخير وهناء …

بلد الطيوب
سرد جميل له ماله وعليه ماعليه وتبقى العديد من المعاني والكلمات في بطن الشاعر كما يقولون ، وعلى القاريء أن يستنبطها بنفسه.
تحية طيبة ايها الصديق والجار العزيز Elemam Ashour.

محمد القايدي علي القايدي

اخي العزيز اتمني ممن يعلق ان يلتزم بأصول التعليق وفق الطرح في المذكرات بعيدا عن السب والتهريج الذي لا يليق فنحن نقراء عن شهاده من رجل دوله ديبلوماسي يجب ان تحترم. من يريد ان يشتم عليه ان يشتم في صفحته مدونته.. احييك استاذ عاشور الامام

Elemam Ashour

الأخوة الكرام انا فى هذا الادراج ناقل ومترجم أمين لاقوال السيدة ارملة باباندريو فى برنامجها على قناة ستار اليونانية فيما يتعلق بلقائها بالقائد معمر القذافى …كما ان الصور المنشورة تم نقلها من قبلى شخصيا من نفس المقابلة على نفس القناة ولم يسبق نشرها او تداولها …فقط لعلمكم ان ماحواه الادراج هو وجهة نظر وافكار السيدة أرملة الزعيم اليونانى …وأرجو ان يكون هذا واضحا…..

Nagi Bengharsa

استاذ عاشور بعد مساء الخير والله المقالات التي تسردها حضرتك المفروض تنشر في كتاب وتكون اضافها للمكتبة الليبيه

Elemam Ashour Nagi Bengharsa شرفنى مروركم ….باذن الله قريبا

Mohamed Younis

سرد جميل و مليء بالمعلومات المركزة دون حشو ، في إنتظار المزيد من الذكريات السياسية التي تفتقر المكتبة الليبية إليها .

Elemam Ashour Mohamed Younis أعتز دائما استاذنا الفاضل بمروركم الكريم وتشجيعكم

Ali Ateer

كانت صيد ثمين جاهز اتي لعنده كسابقاتها وبمحو ارادتها فهو فارس في هذا الشأن ؟

Mohamed Edweb

شكرا لكم أستاذ عاشور على هذا السرد الأمين ، أعلم جيدا أن لديكم الكثير مما يستحق النشر في تاريخ العلاقات الليبية اليونانية فهو حق لليبيين يجب أن ينشر فقد يستفيد منه اللاحقون ، أثمن مهنيتكم و أمانتكم في العرض و أتمنى أن ترتقي التعليقات إلى المستوى ذاته .
كل عام و أنت و الأسرة بخير و سلام .

Elemam Ashour Mohamed Edweb ..شرفنى مروركم استاذنا الفاضل د. محمد الذويب …

Ehwass Kh

فتح هكذا نوافذ من مؤرخ دبلوماسي من الاهمية تاريخيا و ثقافيا

Abubaker Wanis Ataweel

شكرًا سعادة السفير على السرد الممتاز وأكرر امنيتي أن تصاغ هذه الاوراق القيمة في كتاب يكون في متناول الجميع للاطلاع والاستفادة خاصة من دبلوماسي مخضرم نعتز به له تجربة وخبرة ستكون مفيدة للجميع .

Walid Maatoug

سرد ماتع سعادة السفير، تقريباً الفترة هاذي اللي كان القذافي فيها مكسور؟ ولا لا

Abdullah Zanbuzi

القدافى انسان سابق عصره بالفلوس ههههه

محمد بدر

سرد رائع استاذ عاشور متابع