أنــا وفــأرالمصـرف… وحكـايـات أخــرى

الوقـت كـان صباحا عندمـا كنـت متوجهـا إلى أحـد المصـارف لسحـب مبلغ مـن المال ووقفـت ضمـن طابـور طويـل أمـام البـاب الرئيسى للمصـرف فى انتظـار أن يتكـرم علينـا موظفى المصـرف بفتح أبوابـه للجمهـور ، وكـان جميع المنتظريـن بسبـب طـول فتـرة الإنتظـار يصبـون جـام غضبهــم على إدارة المصــرف السيئـة وعلـى موظفيـه لعــدم احترامهـم لمواعيـد العمـل الرسميـة .

وبالرغــم مـن أن الموقـف أمـام بـاب المصـرف المغلـق كـان متوتـرا يشوبـه الغضـب والسخـط ، ولا مجـال فيـه للضحــك أو السخريـة ، ولكــن مـا حــدث أثنـاء فــورة التوتـر هـذه كـان بكـل المعاييـر مثيـرا للضحـك والسخريـة ، وذلك عندمـا أنـدس بين الجموع ” المتنرفــزة ” مـن زبائـن المصـرف عنـد عبورهــا الى داخلـه بعــد أن فتح أبوابـه فـأر ضخـم فى حجــم ” الجربوع ” أبى إلا أن يكـون من ضمـن الطابـور الصباحى لزبائـن المصرف شــاقـا طريقـه بيننا بمنتهى الجـرأة والثقـة متسلالا بين أقدامنا يزاحمنا العبـور الى داخـل المصرف ويتجـه بكـل شجاعة ودونمـا خـوف أو وجــل إلى الصالـة لرئيسية مصاحبـا لنا فى خطواتنـا خطــوة خطـوة ثـم اختفى بعــد ذلك فجـأة عــن الأنظـار داخـل صالـة المصـرف .
وأثـار هـذا الموقـف الضحكـات والإبتسامـات ، وحتى تبـادل التعليقـات والنكـات بيـن زبائــن المصـرف… حيــث قـال بعضهــم معلقــا على الحــدث .
(1) أكيد سمع بالمخـزون الكبيـر من فئـة الخمسين دينار وجـاء علشان يقترضها
(2) بس هذا بايـن عليه فــأر أجنبى جـاى يبى الـدولار والا اليـورو
(3) شكله موش فــار ليبى … شبحتـوا ماشاء الله كيـف سمين ..!!
(4) هذا من الفئران الليبية السمان …اللى تغـذوا على الفئـران المسكينه الصغيرة
(5) ياجماعة هذا باين عليه من جماعة الهجرة الغير شرعية …!!
(6) ممكن يكون مـزور البطاقـة الشخصيـة …!!
(7) جاى يجـرب إسنيناته فى ” الإقتـراض ” مـن المصـرف
(8) جـاى يفطـر مكياته وسندويتش مع موظفى المصرف
(9) فــار من اشباه الثوار جاى علشان يأخـذ نصيبه من الثروة …!!
(10) فأر متسلق ظهرت عليه النعمة بعد مكافأت المجلس الانتقالى ..!!
وتطرقـت التعليقـات بعــد ذلك فى نـوع مـن الإستيـاء إلى معانــاة مواطنى طرابلس وضواحيها والمـزارع المحيطـة بهـا من هـذه القــوارض التى أنتشرت بشكـل مخيـف بسبـب تراكــم القمامـة وتكدسها فى الشـوارع وفى المكبـات المحيطـة بالعاصمـة … وذهـب بعظهـم إلى القـول بــأن إنتشـار هـذه الجـرذان دليل على فشـل سياسـة مكـافحـة الجـرذان التى كلفـت بها الشركـة البريطانيـة ” Rentokil ” ويحملونها المسئولية الكاملـة عـن هـذا الفشـل .

وذكرنى هـذا الحـدث وما أعقبه من حـوار وتعليقـات بالأزمة التى نشبت منذ مـدة ليست بالطويلة بين مسؤولى شركـة الخطـوط الجويـة السعوديـة ومسؤولى مطـار القاهــرة الدولى بسبـب اكتشاف فــأر بيـن مقاعــد الركـاب فى إحـدى طائـرات الجامبو السعودية أثنــاء إستعدادها للاقـلاع من مطـار القاهـرة الدولى الى السعودية الأمـر الذي تسبب في وقـف تشغيل الطائـرة لأكثـر من 24 ساعـة ، وإلغــاء رحلتها وعلي متنهـا “368” راكبـاً ، وحـدوث خسائـر للشركـة بلغـــت – حسـب تقديـرات السعوديين الذيـن اتهمـوا سلطـات مطـار القاهــرة بالإهمـال والتسيـب – نحــو 3 ملاييـن جنيـه مصـرى .

وكـان رد المسؤوليـن المصرييـن على هـذه الإتهامـات بـأن الفـأر المكتشـف بالطائـرة عبـارة عـن فـأر سعـودى وليـس مصـري وتفننـوا فى وصـف مكونـات ومميـزات الفـأر المصـرى ، ســواء من حيـث الحجـم وطـول الذيـل واللـون …..الخ فى الوقــت الـذى أصـر فيه السعوديين على أن الفـأر المكتشـف ليـس سعوديـا ويستحيـل أن يكـون سعـوديا لأن الطائـرة الجامبو السعـودية عندمـا أقلعـت من السعـودية الى القاهــرة لــم يكــن هـذا الجـرذ أو الفـأر متواجـدا بهـا .

لكن الأطـرف من كـل ذلك كانـت تعليقـات إخواننـا المصريين الذيـن عـرف عنهـم خفـة الـدم وحـب النكته على هـذا الخبـر ، ومن هـذه التعليقـات على سبيل المثال
(1) شايفين يا جماعة حتى فيران مصر عايزة تهاجر وتسيب البلـد
(2) الفـار مصرـى ابـن مصـرى ، بـس زى حالـة المصريين التعبانين زهــق مـن وضع البلـد فكـر يسافــر يلقـط رزقـه فى السعوديـة، الله يعينه عنده أسـرة وعياااال مش لاقى يأكلهـم
(3) يا جماعه أنـا اللى عرفتـو عـن الفـأر ده أن أبـوه مصـري وأمه سعـودية
(4) أهم حاجة أوراق الفـأر سليمة … ولا …لأ .. ؟
(5) مـش يمكـن كـان بيفكـر يسافــر علـى إيطاليا بالبحـر بـس خـاف يموت والمفتى يقول عليه مـش شهيــد ،
(6) والله العظيـم أنـا بحسـده أنه فكــر يسافــر السعـودية بـس كـان مـن الأفضـل بالنسبه” للعملـة الصعبة ” إنـه يسافـر الكويـت أو الإمـارات ، وكمان عشـان مـا يقعـش في يــد كفيـل ” فــأرسعودي ” معنـدوش ضمير يسلـط عليه قطـط المملكة.
(7) حتى الفئـران عايـزة تهاجر” جتنـا نيلـة ” فى حظنـا الهباب والنبى لو تعـرف يا سيـد فــأر تجبلى معــاك عقــد عمل.
(8) صعـب نحـدد جنسيتـه … وأنــا رأيي أنه يسيبـوه لغايـة ” ماتـش مصـر مع السعوديه” ويقولولـه يومها ان مصر كسبـت ونشـوف ردة فعلـه.. لـو فـرح يبقي مصـري.. ولـو اتضايـق يبقي برضـه مصري بس نفسه المـدرب شحـاته يمـشي…
(9) تعليق من السعويه : انا اقـول يا جماعه نحـط له صحـن ” كبسـة سعـودى و صحـن فول مدمس مصرى “..و ويـن ما ياكـل نعرف أنه مصـري والا سعـودي.

كما ذكرنى هـذا الحـدث بصورة سبـق وأن نشرت لأضخـم فــأر أو جــرذ قيـل أنـه قتـل رضيعيـن بالسعوديـة وانتشـر هـذا الخبـر في المواقـع الإلكترونيـة وشبكات التواصل الاجتماعي ، وقــد حــذر وقتها المسؤولين السعوديين سكــان الأحيــاء السكنية بجـدة من انتشـار هذا النوع من الفئران في حيهـم السكني ، وقد أرجع أحد خبـراء البيئة السعوديين سبـب انتشـار هـذا النـوع مـن الجـرذان الضخمة الى رســـو البواخـــر الآتية مـن الـدول الأفريقية والأسيويـة فى مينـاء جـدة حيـث تكـون محملــة بهـذه النوع من الفئــران.
وفــأر المصـرف الذى تحدثـت عنه فى بدايـة مقـالى هـذا لــم يكــن فــأرا عاديــا بــل كـان ضخمـا فى حجــم الجـــرذ ” غير أنـه كـان يتميـز عنه بالجــرأة وإن شئـت سميها الشجاعـة حيـث أنـه لـم يرتعـب مـن تزاحــم أرجلنا من حوله أو خبطـات وقعها على أرضية المصرف عندما أندس بينها متسلالا بمنتهى الثقـة والبـرود وفى وضح النهار إلى مدخـل المصرف ، وربما يكـون هذا الفـأر قـد أمتلك هـذه الشجاعه لكونـه أساسا مـن قاطنى المصرف وقـد بـات ليلتـه خارجــه ، وعندمـا قــرر الرجـوع اليـه فى الصباح الباكـر لتفقــد أحـوال أسرتـه داخـل المصـرف وجـده مغلقــا ، ولـم يفتح كالعـادة طبقـا للمواعيـد الرسمية فقــرر الإنتظـار مع زبائـن المصـرف المغلـوب على أمرهــم مترقبـا مثلهــم للولـوج إليه عندمـا تفتح الأبـواب ، أو ربما يكـون ” فــأر بـرانى ” أستهوتـه رائحـة أوراق النقــود فقـدم إلى المصرف متسللا من إحـدى فتحـات المجـارى القريبـة “التى سرقـت أغلـب أغطيتهـا” للتمتع برائحــة النقـــود ، أو ربما خـرج علينـا من بيـن أكـوام القمامة التى تكدسـت بالقــرب من المصرف والتى تشكـل مرتعــا خصبا وفنـدق ” 5 نجـوم ” لـه و لأمثالـه لكى يعيشـوا فيهـا ويتزوجـوا ويتوالــدوا.
والفئـران من حيـث سلالاتها وأحجامها تنقسـم بصفـة عامة إلى أنـواع مختلفـة ، ويوجـد منها فى معظــم أنحـاء العالـم قرابـة الألــف نــوع . ويعتبـر الفـأر المنـزلي أكثـرها شيوعًــا، وأصغــرها حجمـا، وهـو يعيش حيـث يعيـش الإنسـان ، وتعتبـر العلاقـة بينهما علاقـة أزليـة وغالبًـا مـا يبني ” جحـوره ” في المنازل والمخـازن أو الأجــران. وعـادة مـا يخـرج الفـأر المنزلي في الليـل فقـط . وبعـض أنـواع الفـأر المنزلي مثل ” الفـأرالأبيض” تعتبـر حيوانـات أليفـه تربى داخـل البيـوت ، والأنـواع الأخــرى منها يستخدمها العلماء كحقــل تجـارب لمعرفـة الأمراض ولإختبـار العقاقيـر الجديدة ولدراسـة السلـوك.
وفي الوقـت الـذي يرتعــب فيه أغلـب الناس من رؤيـة الفــأر في بيتـه أو فى الطائـرة أو فى المتجـر أو كما حدث معنا ” فى المصرف ” فــإن الهنــود لا ينزعجـون مـن رؤيـة هذه المخلوقــات ويعتبرونهـا مقدسـة ويبنـون لهـا المعابــد الجميلـه المزينـه بارقـى أنـواع الرخـام و يقدمون لهـا الطعــام و الرعايـة و الحمايـة ويعتنـون حتى بدفنها فى مدافــن خاصة وتعتبـر مدينـة ” دشنـوك ” بالهـند , هي المكـان الوحيـد في العالـم الذي يوجـد به معبـد ” كـارني ماتـا ” تكـون الفئـران فيـه مخلوقـات مقدسـة تتمتع بالحمايـة والرعاية ، وقـد بنى هـذا المعبـد ليحتوى على دهاليـز وجحـور خاصة ترتـع وتمرح فيها الفئـران قبـل ان تخـرج على جموع الهنـدوس الذين يعبدونها ، وهذا المعبد من أكثـر الأماكـن التي تثييـر الفضـول لدى السياح الأجانـب ويتولى سـدنتـه تنظيفـه و إطعـام الفئـران التي تسـرح و تمـرح فى أرجـاءه آمنـة مطمئنة ولا تخـاف مـن البشـر ، حيث تأكـل من أيديهـم و تتسلـق أجسامهم ، كما ان الـزوار يتوخـون الحـذر الشديـد لكـي لا يدهسـوا هـذه الفئـران بأقدامهـم فيتسببـوا بموتهـا.
أمـا سبـب تقديـس الهنـود للفئــرآن فـلأن الهنـدوس يعتقـدون بــأن هـذه الفئـران التى يسميها الهنـود ” الكامبا ” إنمـا هـي فى حقيقتهـا أرواح الأطفـال الموتى ، حيـث تخبرنــا الأسطـورة الهنديـة بـأن الآلهـة ” كـارني ماتــا ” حاولـت استرجـاع روح أحـد الأطفـال الموتى ولكنهـا فشلـت في ذلك ، لأن ” يـامـا ” آلــه الموت لـدى الهنـدوس كـان قــد استلـم جســم الطفــل و نسخـه إلى إنسـان ثـانـي وفقــا ” لنظـريـة تناسـخ الأرواح لـدى الهنـدوس ” و لذلـك غضبـت الآلهـة ” مـاتـا ” لأنهـا لــم تستطـع إرجــاع روح الطفــل ، وأمـرت بـأن تتقمـص أرواح الأطفـال الموتـى شكـل الفئـران قبــل أن تتحـول إلـى بشــر مـرة ثانيـة .
وهـذه الأسطـورة تذكـرنى بأسطـورة أغريقية مماثلـة بعـض الشـىء عـن ملكـة ليبيا الجميلة لاميـا ” Lamia ” التى وقـع فى غرامها الآلـه زيـوس رب الأرباب فتزوجها وهى من بنـو البشـر وأنجبـت لـه الأطفـال ، وعندمـا علمـت زوجتـه الغيـورة الألهـة “حيـرا ” ما حـدث ، أوقعـت عقابهـا على ” لا ميـا ” وكـان العقـاب شنيعــاً حيـث عذبـت أبنائهـا وقتلتهـم أمام عينيهـا ، ثــم حولتهـا هـى إلى مسـخ دميـم نصـف إمـرأة ونصـف أفعـى وجعـلت عيناهـا لا ينغلقـان أبـداً ، حتى تظـل معذبـة بذكـرى أبنائها إلى الأبـد ونفتهـا الى إحـدى الجـزر ، فكانـت ” لاميـا ” كـردة فعـل تخطف أطفال الجزيرة ، وتمتـص دماءهـم حتى يموتـوا ، كي تذيـق الأمهات ما ذاقته هي مـن فقـد الأبنـاء ، وهذه الاسطورة الأغريقية شبيهة ايضا باسطورة ” ليليت ” الفارسية .
وكذلـك الأسطـورة الألمانيـة ” The Pied Piper of Hamelin ” التى تتحـدث عـن عـازف النـاى” أو صائـد الفئـران الـذى كـان يجمـع الفئـران حـول مزماره لكـى تتبعـه فيرمى بهـا فى النهـر ليخلـص أهـل مدينة ” Hamelin “من شـرورها إلا أنـه بعـد خلافـه مع أهـل المدينة استخـدم نفـس معزوفـة النـاى فى جــذف الأطفــال إليـه وكأنهـم فئـران ، ثـم خطفهــم إلى جهـة مجهولــة عقـابـا وانتقامـا من أهــل المدينـة .
والعلاقـة بين الفـأر والأنسـان علاقـة قديمة عمـرها سنوات طويلة ، ونظرا لتشابة جينات الفـأر مع جينات الأنسـان بنسية 90 % ، وكذلك تعرضهما لنفـس الأمراض كالسكر والقلب والسمنة وألتهاب العضلات والشيزوفرنيا …. ألخ ، لذلك أستخدم الباحثين سلالة الفـأر في تجاربهم عند الرغبة في معرفـة مـدى تأثيـر العقاقيـر على صحـة الأنسان .
وعلى مــر السنين أصبح الفـأر المعـدل وراثياً أفضـل حليـف للأنسان في صراعـه ضد الأمراض ، وقـد استولـد العلمـاء الأمريكيين أخيـرا فئـران مهجنـة لهـا صفـات جسديـة غيـر عاديـة ، تمكنهـا من أن تقطـع مسافـة 20 متـرا فى الدقيقـة الواحـدة دون أى كلـل أو تعـب كما يمكنها أن تعيش عمــرا أطـول ، ولا تصاب بالسمنة وتمتلك قـدرة جنسيـة عجيبـة ،والعلماء الأمريكيين الذين استولـدوا هـذا النـوع من الفئـران المهجـنة يقولـون بـأنها تدهشهـم بقدراتها العجيبـة التى كانـت نتيجـة تعديـلات فى الجيـن الوراثـي لديها خـاص بعملية التمثيـل الغـذائي والـذي يوجــد نظيـره عنـد البشـر. وقـد أحيـا ذلك الأمل في إحـداث مثـل هـذه التغييرات في قـدرات بني البشـر يوما ما.
وفى الوقـت الـذى تسعـى فيه العـديــد من الـدول المتحضـرة للإستفـادة مـن الفئـران فـى تحقيـق التجـارب والأبحـاث العلميـة التى نستفيـد منها نحـن البشـر فى تطويـر العلـوم الإنسانيـة ، نجــد أن هنـاك دكتاتوريات متخلفـة ” كما فى عالمنـا العربـى ” تستفيـد مـن هـذه القـوارض فـى أعمال الشـر والخـراب والدمـار وتصنـفها كوسيلـة مـن وسائـل التعـذيـب الرخيصـة والفتاكـة تستخدمهـا فى سجونهـا ومعتقلاتها ضـد المعارضيـن .
ورغمـا أيضا عـن كراهيتنا للفـأر وكراهيـة المـرأة بالـذات لهـذا المخلـوق ووجـود عـداء مستحكـم ودائـم بينهمـا ، إلى درجة أن أصبحت العلاقــة السلبيـة بينهما مثار للسخريـة والتشفـى ، فـإن أطفالنـا وربما حتى كبارنـا يستمتعـون كثيـرا بمتابعـة قصص ومغامـرات القــط والفـأر ” تــوم وجيـرى ” وكذلك الفـأر ميكى ماوس الـذى يقـال أنـه سمح لـه الآن بدخـول كوريا الشمالية بعـد الزيارة المقررة لوزيـرة الخارجية الأمريكية لهذا البلــد الشيوعى المغلـق

كما نستمتع نحـن أيضا بالروايات والقصص الكلاسيكية والحديثة التى يكون الفـأر فى أغلبها البطل الرئيسى ، أو سـيـد الموقـف ، وكثيـر من الأدبـاء والكتـاب تفننـوا فى كتابـة القصـص والروايات المسلية والدرامية والتاريخية عـن السيد الفـأر وعـن علاقتـه الأزليـة بالإنسـان وبالأدب والتـراث الإنسـانى ..ومن هـؤلاء الكتـاب الذيـن كـان لهم بـاع فى هـذا المجـال الأديـب محمود تيمور فى قصتـه ” الفـأرة ” التى تحـدث فيها عـن علاقــة الوحـدة التى ربطـت بيـن فتـاة يتيمـة تعمل خادمة لعجـوز حامضة الطباع وفـأرة كانـت تعيـش فى ركـن من غرفتها معتقـدة أنهمـا متشابهتـان فى زوايـا كثيـرة .!!
وكذلك قصة الكاتبـه الأمريكية السيدة باربـرا ويرسبا ” Barbara Wersba ” بعنوان حكايـة ” الفـأر واللتـر” التى تحدثـت فيهـا عـن العلاقـة الحميمـة التى ربطـت بيـن الفـأر واللتـرالمحـب للإطـلاع والقـراءة ، والكاتبـة المغرمة بالكتابـه رغما عـن عــدم إلتقـاء الأثنيـن وجهـا لوجـه …
والحقيقة أننى من خـلال مطالعتى لهاتيـن القصتيـن وجـدت أن هنـاك ترابـط كبيـر بينهما حيـث تركـز كـل منهمـا علـى تجـذرعـلاقـة تآلـف ومحبـة بين الإنسـان والحيوان عندمـا يكونـا وحيديــن فى مقــرواحـد ، مع فـارق وهـو أن فــأرة الكاتب محمود تيمـور كانت تلتقـى بصديقتها الفتـاة اليتيمة ، بينما فــأر الكاتبـه الأمريكية باربـرا لـم يلتقـى بالكاتبـه التى تشاركـه المقــر على الإطـلاق .
وستبقـى علاقـة التجـاذب والنفـور بين الفـأر والإنسـان علاقـة قائمـة الى أبـد الدهــر وستبقـى القصـص والرويـات تحـاك وتحكى عنهـما ، تتوارثها الأجيـال وتحركها فى نفـس الوقـت المصالح والأهــداف التى يتطلـع بنـو البشـر الى تحقيقهـا من خـلال هذه العلاقــة ، وشكــرا لفــأر المصرف الجـرىء الذى دفعنى بجرأته النادرة ” عندما زاحمنا الدخول الى المصرف ” إلى البحـث فى أصولـه وتاريخـه وعلاقتـه بنـا نحــن البشــر .